التراث تكشف عن مستوطنة مصيون أقدم شواهد الاستقرار البشري شمال غرب المملكة.. صور

الرياض
أعلن صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة التراث، عن اكتشاف أقدم مستوطنة معمارية في الجزيرة العربية، وذلك ضمن أعمال التنقيب الأثري التي تنفذها الهيئة بالشراكة مع جامعة “كانازاوا” اليابانية، وبالتعاون مع نيوم في موقع “مصيون” شمال غرب مدينة تبوك.
ويعود تاريخ المستوطنة إلى العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار، وتحديدًا إلى الفترة بين 11000 و10300 سنة من الوقت الحاضر.
نفّذت هيئة التراث، عبر فريقها العلمي المشترك مع جامعة كانازاوا اليابانية، أربعة مواسم ميدانية مكثفة حتى مايو 2024، شملت أعمال تنقيب دقيقة وفق منهجية علمية متطورة، تضمنت توثيق الطبقات الأثرية، وتصنيف المعثورات، وتحليل العينات العضوية لتحديد العمر الزمني للموقع.
وأسفرت أعمال التنقيب عن اكتشاف وحدات معمارية شبه دائرية مشيدة بأحجار جرانيتية محلية، تضم مباني سكنية ومخازن وممرات ومواقد، عكست تخطيطًا وظيفيًا متقدمًا يتناسب مع طبيعة الحياة القائمة آنذاك على الصيد وزراعة الحبوب. كما عُثر على مجموعة كبيرة من الأدوات الحجرية مثل رؤوس السهام والسكاكين والمطاحن، إضافة إلى أدوات زينة مصنوعة من الأمازونيت والكوارترز والأصداف، ما يشير إلى نشاط إنتاجي متنوع داخل المستوطنة.
وتضمنت المكتشفات أيضًا بقايا نادرة لهياكل بشرية وحيوانية، وقطعًا حجرية مزخرفة بخطوط هندسية تحمل دلالات رمزية، وتمنح الباحثين رؤية أعمق لفهم الأنماط الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لسكان المنطقة خلال العصر الحجري الحديث المبكر.
وأكدت هيئة التراث أن هذا الاكتشاف يمثل منعطفًا علميًا مهمًا في دراسة بدايات الاستقرار البشري في شمال غرب المملكة، ويعزز فرضية أن المنطقة كانت امتدادًا طبيعيًا لـ”الهلال الخصيب” (بلاد الرافدين، بلاد الشام، جنوب الأناضول)، وموطنًا مبكرًا لانتقال الإنسان من الترحال إلى الاستقرار.
ويأتي هذا الإنجاز في إطار جهود الهيئة لتوثيق المواقع الأثرية بالمملكة، وتوسيع الشراكات مع الجامعات والمراكز البحثية العالمية المتخصصة في علم الآثار، دعمًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030، وتعزيزًا لمكانة المملكة كمركز معرفي عالمي في مجال التراث الإنساني.