Slaati
عبدالرحمن بن عبدالعزيز العريفي

غِيلة الموظف لزميله في بيئة العمل

منذ 2 شهر02689

مشاركة

هناك وجه خفي للخيانة المهنية داخل بيئة العمل، ونجدها بكثرةً في هذا الزمن الذي أصبح العلم والمعرفة يمتلكها، تصلني بشكل يومي شكوى الكثير من الموظفين، حول سلوكيات وتصرفات سلبية من زملائهم تفتك بروح الفريق وتُقوَّضَ الثقة.

"غِيلة الموظف لزميله"، هي من أخطر هذه السلوكيات والتصرفات، وهي الغدر بالآخرين من حيث لا يشعرون.

الغِيلة في العمل ليست مجرد خطأ عابر، بل هي جريمة أخلاقية مهنية تُمارس أحياناً بابتسامة زائفة أو كلمات منمقة، والموظف الذي يمارس الغدر يتقمص دور الصديق في العلن، لكنه في الخفاء ينصب الفخاخ ويزرع الشوك في طريق زميله.

الغِيلة لا تأتي بشكل واحد، بل تتلون بألوان المكر والدهاء، ولاستيضاح صور الغِيلة في بيئة العمل منها:

أولاً: اغتيال الإبداع

حين يسرق الموظف فكرة زميله ويعرضها على أنها من بنات أفكاره.

ثانياً: تشويه السمعة

 إطلاق الشائعات أو المبالغة في أخطاء صغيرة حتى تتحول إلى قضايا كبرى أمام الإدارة.

ثالثاً: التهميش والإقصاء

إبعاد الزميل عن الاجتماعات المهمة أو حجب المعلومات المؤثرة عنه عمداً.

رابعاً: العراقيل الخفية

 تعطيل معاملات أو تأخير إنجازات الزميل حتى يظهر بمظهر المقصر.

خامساً: الابتسامة الماكرة

إظهار الدعم والتشجيع في العلن، بينما يُدبَّر الغدر في الخفاء.

 ولتلك الصور أثراً مدمر، فالغِيلة لا تجرح شخصاً واحداً، بل أثرها سُمّ لبيئة العمل بأكملها، وتنهار جسور الثقة بين الموظفين، فيسود الحذر بدل التعاون، وتُهدر الطاقات في مراقبة النوايا بدل استثمارها في تطوير الأداء، ويضعف الولاء المؤسسي، وتبدأ روح الفريق في التآكل شيئاً فشيئاً، وبعض المنظمات قد لا تنتبه لهذه السلوكيات، فتفقد أهم مواردها، وهي: ثقة موظفيها ببعضهم البعض، وهي رأس المال المعنوي الذي لا يعوضه بمال أو تقنية.

الغِيلة ليست فقط سلوكاً مذموماً إدارياً، بل هي مخالفة شرعية وأخلاقية، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾، أي لا تنقصوا من حقوقهم، ولا تظلموهم في جهد أو سمعة أو مكانة، وقال النبي صل الله عليه وسلم: ﴿المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره﴾، فإذا كان الشرع قد نهى عن الظلم بين عامة المسلمين، فكيف بمن يفترض أن يكون زميلاً وشريكاً في الإنجاز؟

الخلاصة: غِيلة الموظف لزميله ليست مجرد خطأ مهني؛ إنها طعنة في خاصرة المنظمة، فإذا أردنا بيئة عمل ملهمة ومنافسة عالمياً، فلا بُد أن نغلق أبواب الغدر ونفتح نوافذ التعاون، فالموظف الصادق ليس فقط مورداً بشرياً، بل هو ثروة أخلاقية تحفظ للمنظمة مكانتها، وتضمن لها الاستدامة في مسيرتها، فلنجعل من بيئة العمل ساحة عطاء، لا ساحة غدر، وميدان بناء، لا ميدان خيانة.

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

2ad766aa-ef8a-4235-bfbf-da76e05540c2.jpg
حساب المواطن: 3 مليار ريال لـ 9.8 مليون مستفيد وتابع
الرياض
منذ 22 دقيقة
0
1398
46eb6ec4-fb16-433c-92cb-baff4a587599.jpg
الأهالي في حلب يحتفلون بعودة الكهرباء بعد سنوات من الانقطاع.. فيديو
دمشق
منذ 24 دقيقة
0
1404
22d0c85c-be2b-4030-a4cd-e07acd6a6762.jpg
القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة
نجران
منذ 27 دقيقة
0
1409
6c56e951-6ddd-4aac-a9b0-612bfbe7ee72.jpg
نجوم الدراما السورية يجتمعون بتركي آل الشيخ في أمسية فنية بالرياض.. فيديو
الرياض
منذ 41 دقيقة
0
1464
6ecd18ce-13f4-4d93-9a6a-cfe65005eb69.jpg
الإحصاء: ارتفاع الإنتاج الصناعي بنسبة 9.3% في سبتمبر
الرياض
منذ 45 دقيقة
0
1467
إعلان
مساحة إعلانية