Slaati
عبدالرحمن بن عبدالعزيز العريفيعب

من يظن نفسه محور الكون

منذ 2 شهر01631

مشاركة

أنت نعم أنت أسأل نفسك، من الذي وهبك القدرة؟ من الذي أعطاك المكان؟ من الذي بيده القلوب والمناصب؟ قبل الإجابة تذكر بأن الله تعالى قال: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾.

البعض من الموظفين أو المديرون والأخ/ت أو الابن/ة أو الأب أو الأم يرى نفسه بداية القصة ونهايتها، يُخيل إليهم أن الحياة لا تكتمل إلا بهم، يتصرفون وكأنهم محور القرار، ونقطة الارتكاز، فالاجتماعات تنتظره، والمشاريع تتوقف عليه، والإنتاجية تهبط إذا غاب، وكأن المنظمة والحياة، كلها معلقةً في رقبته، بل قد يقولون في سرهم "أنا العمود الذي لو انكسر، لسقطة المنظمة".

كُنّ واعيًا ولا ترى نفسك محور المنظمة والحياة "المنقذ، الحاكم، النجم الوحيد، واليد التي لا تُصفق دونها"، ولكي لا تصاب بمرض هذا الوهم، حينما تعتقد أن العمل والحياة لا تتحرك إلا بك ولا تكتمل إلا بك.

حديثي سيكون عن الموظف أو المدير داخل المنظمة، بدأت بالموظف لأن من يصنعه هو المدير.

هذه الحالة (انا محور الكون) ليست احترافية، بل "وهم يصنف بالمرض النفسي"، يعيش في عقل صاحبه فقط، ولا يراه غيره!

هذا النمط منتشر في بيئة العمل، نراهم يرفضون تفويض المهام، بحجة أن لا أحد يؤديها مثلهم، يبالغون في إظهار مجهودهم، ويخفون مساهمات الآخرين، يعتقدون أن الخطأ من غيرهم، والصواب لا يأتي إلا منهم، يربطون استقرار المنظمة بوجودهم، وكأن الله لم يجعل للكون نظامًا إلا بحضورهم.

الله عز وجل يقول عن فرعون المتغطرس: ﴿فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾، ثم ماذا كانت النتيجة؟ ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾.

رسالتي للموظف وللمدير: كُنّ ميسرًا لا معطلًا داخل المنظمة، لا تكن الشمس التي تحرق كل من يقترب، بل كُنّ القمر الذي ينير ظلمة الآخرين، فقد قال ﷺ: "إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد".

وقد نَبَّهَ القرآن الكريم إلى خطورة هذا الشعور حين قال تعالى على لسان قارون: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ كأنّه يقول: أنا فوق الجميع ولا أحد صنع ما صنعت، ولكن جاءت الخاتمة لتؤكد أن من جعل نفسه محورًا سقط خارج المدار: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ﴾.

ولمّا جلس النبي ﷺ بين أصحابه، ما كان يعرفه الزائر من بينهم، تواضعًا وبُعدًا عن التصدر، ومع ذلك، حمل أعظم رسالة، وقاد أعظم أمة، وبنى أعظم حضارة.

إن الموظف والمدير المتزن، هو من يرى نفسه جزءً من منظومته، هو من يُلهم ولا يستأثر، من يُوجّه ولا يُقصي، من يُعلي صوت الفريق لا صوته، ولا تجعل من مكتبك مملكة، بل اجعله محرابًا للآخرين، وسلمًا لرقيهم.

الخلاصة:

إعلم بأن المنظمة لا تنهار بغياب أحد، وإنما حين يعلو صوت الغرور ويصمت صوت التعاون.

تذكر قول الله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، فالمناصب تُعطى وتُؤخذ، والناس تُذكر بما زرعت، لا بما تفرعنت، وقد قال النبي ﷺ:"من تواضع لله رفعه"، فهل بعد هذا الوعد، نرضى أن نبني المجد على كبرياء زائف؟

 هل ما زلت تظن بأنك محور الكون!

التعليقات ()

مشاركة

أخر الأخبار

099a74b1-6a3e-49fe-b03b-c5f35e856572.jpg
بروزوفيتش يرغب في الاستمرار مع النصر
ماجد محمد
منذ 13 دقيقة
0
1371
3f11a9ef-4020-41cf-9bbe-a6c0d2aaaa0b.jpg
مدرب فرانكفورت توبمولر يرفض 8 ملايين من الاتحاد
ماجد محمد
منذ 13 دقيقة
0
1374
1cf0c1b2-8e50-404f-814a-413962a8cf5d.jpg
موهبة إسبانية ترفض عرضًا من دوري روشن بـ4 ملايين يورو
ماجد محمد
منذ 21 دقيقة
0
1382
1512f6c6-2c83-4be8-8960-b1f185b06cb9.jpg
سعود عبدالحميد مستمر في أوروبا.. فيديو
ماجد محمد
منذ 27 دقيقة
0
1399
dc516041-35d1-4ce1-b51d-8abf01eff791.jpg
شابة إيطالية تصنع التاريخ: كلوديا ريتزو تدير تيرنانا وتخطف الأنظار
وكالات
منذ 29 دقيقة
0
1405
إعلان
مساحة إعلانية